اشترك في القائمة البريدية

ادخل بريدك الاليكتروني ليصلك كل جديد

Delivered by FeedBurner

الاثنين، 31 مايو 2010

حب من طرف واحد

لم يكن حبا من طرف واحد بل كان وهما كبيرا استغرق من ربيع عمرها أكثر مما يجب حتي أفاقت منه ، أخيرا أدركت بديهية من بديهيات الحياة أن أي علاقة ثنائية لا يمكن أن تتم من طرف واحد ، مثلا المحادثة بين شخصين هل تسمي كذلك إذا كان أحدهما فقط يتكلم والآخر لا يبالي ولايسمع ؟
في الحقيقة هي لا تستطيع أن تلومه أو تتهمه أنه غرر بها أو استدرجها ، لكنها هي المسئولة الأولي عما حدث ، هناك في داخلها حيث يسكن قلبها الصغير ومشاعرها الجياشة انطلقت الشرارة الأولي ، كان موقفا عاديا عندما تحدثت إلي زميلها وجارها بخصوص بعض الكتب التي أحضرها لها من الكلية وسلمتها له زميلتها التي تعرف أنه يسكن بجوارها ، سلمها الشاب الأمانة وأبدي استعداده لأي خدمة لها ، ولا تعرف هي ماذا قال بالضبط ولكن ولأول مرة تشعر أنها تستمع بقلبها وأنها تخشي لو سمع هو صوت دقاته .
انصرفت وهي تشعر أنها مثل باقي البنات أصبح لديها سرها الذي تفكر فيه وترعاه فيؤنس وحدتها ويجعلها تري الحياة أجمل ، من مواقف بسيطة وكلمات متناثرة ونظرات عفوية نسجت قصت حبها وأخفتها في صدرها ،كانت تستمع لموسيقي داخلية تعزفها براعم تفتحت بداخلها لم تكن تدركها من قبل ، وتشعر أنها لاتسير علي الأرض بل تتمايل داخل لوحة إيقاعية تكمل معزوفة الحب ، صارت ترفض فرص الزواج المختلفة والحجة الجاهزة أريد أن أنهي دراستي أولا ، في الحقيقة كانت تنتظر فارسها الرائع الذي لن ترضي عنه بديلا.
حتي كان ذلك اليوم الذي استقلت فيه الأتوبيس في طريق عودتها للبيت وبعد محطة واحدة وجدته يقف أمامها ، لم تكن تعرف هل هي صدفة أم مقصودة ، ولكنها كانت متأكدة أن اليوم هو يوم الحسم .
بعد قليل أثناء مرور رجل كبير السن من خلف بطلها وفارسها تعثر فيه ، وقبل أن يقوم الرجل من عثرته زلزلها صوت الفارس ( مش تفتح يا أعمي ) بسرعة اشتعلت الخناقة التي أبلي فيها الفارس بلاء حسنا يدل علي سوء تربيته وموت التعاطف في قلبه ، كانت مظاهرة في الأتوبيس والجميع مستاء من جلافة الشاب وغلظ قلبه .
انقشعت الغشاوة عن عينيها ولفظ الحب الموهوم أنفاسه الأخيرة مخلفا وراءه بعض الحزن والدهشة والإحباط ، مر بعض الوقت وهي تعيد النظر لفارسها السابق بعد اتضاح الرؤية أمام عينيها وفي كل يوم كانت جراحها تشفي ، وتدريجيا انقلب الحب إلي مشاعر تجمع الازدراء والرثاء والنفور .
عندما جاء نصيبها تزوجت رجلا رائعا في ظل رضاء الأهل ومباركتهم ومع زوجها عرفت معني الحب الحقيقي ، وأن الأساس الأول للحب أن يكون متبادلا وعلي أرضية من التفاهم والتقارب في البيئة والشخصية ووجهة النظر للحياة ، رغم ستر الله لها في قصتها القديمة التي لم يشعر بها أحد ، إلا أنها صار لديها حساسية تجاه كلمة الحب المبتذلة في الأعمال الدرامية والغنائية والتي تمهد طريق الخطر أمام الفتيات وتشحنهم عاطفيا ليصبح من السهل السقوط أمام الفارس الخطأ ، والتي تروج لمفهوم مغلوط تماما يتستر بكلمة الحب النبيلة .
يقول تعالي في الآية الكريمة في سورة الروم ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة )
الحب ينشأ تحت ظلال الزوجية والشرعية ولا ينمو في الشوارع والأتوبيسات ،وبين زوجين متكافئين متفاهمين يتم تبادل أجمل المشاعر وأصدق المواقف ، وتتم فصول قصة حب حقيقية وليست مجرد علاقة مشوهه تتستر بالأوهام ، يولد الحب في النور ليفخر به الجميع ويهنئون أصحابه .
ليت الفتاة تتروي وتتريث وتحتفظ بمشاعرها الغضة للزوج الذي يستحقها ولا تهدرها وتنثرها علي من لاتعرف ، وليتها تنتظر لتعرف روعة الحب المتبادل وانعكاس صورتها الجميلة في عيون زوجها ، وقتها ستعرف أن ما يسمي حبا من طرف واحد هو امتهان لكرامتها وتهديد لسمعتها ووهم تعيشه بلا طائل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق